رئيس جامعة الأزهر: القرآن علمنا علوم كثيرة حتى قواعد الحساب

قال الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، إن الهدي ليس فقط ما يُساق من بهيمة الأنعام إلى مكة ليُذبح هناك، بل هو عبادة عظيمة تحمل أحكامًا دقيقة، ومنافع روحية واجتماعية جليلة.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر، خلال حلقة برنامج "بلاغة القرآن والسنة"، المذاع على قناة الناس، اليوم السبت، أن الهدي يرتبط بحالتين: الأولى هي حالة "الإحصار"، عندما يُمنع الحاج من الوصول إلى مكة لأي سبب قهري، مشيرًا إلى أن الإسلام لم يحرم المحصر من الأجر، بل وجهه إلى ذبح الهدي في مكانه وتوزيعه على فقراء المسلمين، كما بيّن النبي ﷺ لكعب بن عجرة، فقال له: "احلق رأسك، ثم تصدّق، أو أطعم ستة مساكين، أو اذبح ذبيحة"، مشيرًا إلى أن الشريعة تمنح البدائل وتراعي المشقة، فالتحلل من الإحرام لا يعني ضياع الثواب.
وتابع: "أما الحالة الثانية، فهي حالة "التمتع"، حيث يؤدي الحاج العمرة أولًا ثم يتحلل ويتمتع بمحظورات الإحرام، ثم يحرم مرة أخرى بالحج، وهنا، على المتمتع هديًا أيضًا، لأن الله عز وجل قال: ﴿فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾".
وأشار إلى أن القرآن الكريم دمج بين حكم المحصر والمتمتع، وكأن الله تعالى يلفت نظر الحاج إلى ضرورة الاستعداد المسبق، سواء حدث إحصار أم قرر التمتع، فعليه أن يُعدّ المال اللازم للهدي، مؤكدًا أن "الجاهزية" عبادة بحد ذاتها.
وبيّن رئيس جامعة الأزهر أن القرآن حين قال: ﴿فَمَن لَمْ يَجِدْ﴾، أي لم يجد الهدي أو المال الكافي، فرض عليه صيام عشرة أيام: ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله، وقال إن هذا التقسيم فيه رحمة عظيمة؛ إذ راعى مشقة الحاج، فأوجب عليه الأقل وهو في مكة، ثم يتم السبعة بعد العودة، مؤكدًا أن التيسير سمة أصيلة في الشريعة الإسلامية.
وأضاف أن التعبير القرآني ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾، رغم وضوح العدد بعد قوله ﴿ثَلَاثَةٍ﴾ و﴿سَبْعَةٍ﴾، فيه دلالة علمية رائعة، حيث قدّم العدد المفصل ثم أعقبه بالمجمل ليؤسس منهجًا في التعليم: "علمان خير من علمٍ واحد"، وهذا من بلاغة القرآن الكريم.
وتابع: "القرآن الكريم علمنا كل شيء، حتى قواعد الحساب: الجمع، والطرح، والضرب، والقسمة، في آياتٍ عظيمة لا تنتهي عجائبها، ليبقى كتاب الله مفتوحًا لكل الأجيال، نهرًا لا ينضب من العلم والهداية".