الخميس 22 مايو 2025 11:04 مـ 24 ذو القعدة 1446 هـ
قضية رأي عام
رئيس مجلس الإدارة هشام ابراهيم رئيس التحرير محمد صلاح
×

حسام خضرا يكتب: من أين تستمد حماس شرعية تواجدها؟!

الخميس 22 مايو 2025 07:30 مـ 24 ذو القعدة 1446 هـ
حسام خضرا
حسام خضرا

تحول صارخ في معادلة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أصبحت تتبناه الدول الأوروبية وخاصة فرنسا التي باتت في صدام مباشر مع إسرائيل، وهو الأمر الذي يحيط به الغموض من كافة الاتجاهات حول السر وراء هذه التغييرات المفاجئة في سياسة فرنسا التي يعتبر المكون اليهودي جزءاً أصيلاً من مكوناتها وله تأثير بارز في صناعة القرار داخل الإليزيه، بالإضافة إلى المملكة المتحدة التي دعمت إسرائيل منذ بداية الحرب بآلاف ساعات التسجيل من طائرات استطلاعها التي نشرتها في أجواء القطاع، وكانت جزءاً من آلة الحرب الإسرائيلية وبناء على المعلومات التي منحتها لإسرائيل تم استهداف مئات الأهداف ما ترتب عليه أيضاً مقتل وإصابة الآلاف من الفلسطينيين.
وما أن برزت تلك التصريحات التي تضغط على إسرائيل لإنهاء حربها والتوصل إلى اتفاق للعلن، حتى خرج قادة حماس من قماقمهم في قطر لتوجيه التحية والشكر للدول الأوروبية على هذه التصريحات التي اعتبرتها حماس بمثابة اعتراف ضمني بأحقيتهم في الاستمرار بحكم القطاع بمباركة أوروبية. لكن ما هو مدى شرعية حماس لاستمرارها في الحكم..؟
إن حماس تحكم القطاع منفردة منذ حوالي 20 عاماً ما انفكت خلالها عن انتقاد نموذج الحكم الذي قدمته اتفاقية أوسلو علماً أن تواجدهم داخل السلطة منذ البداية كان بناء على أوسلو التي وقعتها السلطة الفلسطينية التي استمر حكمها للقطاع حوالي 12 عاماً أي أقل من حكم حركة حماس بحوالي ثمانية سنوات، وبأوامر أمريكية مباشرة كما أفصحت قطر في وقت سابق عن توليها مهمة إقناع قيادات الحركة بضرورة دخول المعترك السياسي في آخر انتخابات شهدتها الأراضي الفلسطينية عام 2006، والتي فازت بها حماس.
وبالنظرة الأولى فإن الشرعية الدستورية لحماس في قطاع غزة قد سقطت بانقضاء المدة القانونية أربع مرات متتالية لموعد انعقاد الانتخابات، لأنه وفقاً للقانون الفلسطيني فإن رئيس السلطة والبرلمان يتم انتخابهم مرة واحدة كل أربع سنوات. لكن لماذا تستمر حماس في الحكم حتى اللحظة رغم عدم دستوريتها وكيف منح قادتها أنفسهم استحقاق الحديث باسم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة..؟
وهنا لن أتطرق إلى مسألة شرعية الرئيس محمود عباس أو الوضع في الضفة الغربية بالطبع لأننا أمام حالة انفصال تسببت بها حركة حماس منذ البداية للوضع الفلسطيني وهي الطرف المعطل للانتخابات، فحماس خرجت من إطارها الشرعي والدستوري والقانوني أيضاً كمنظمة فلسطينية حين قامت بفصل قطاع غزة عن الضفة الغربية وباقي المناطق بانقلابها الذي راح ضحيته أكثر من 1000 فلسطيني صيف عام 2007، وأصبح تواجدها داخل السلطة في غزة بضمان سلاح عناصرها وقدرتهم على التنكيل بسكان القطاع على مدار العقدين الماضيين رغم خروج آلاف التظاهرات التي طالبت بالوحدة الوطنية ورغم الاتفاق على آلاف أوراق العمل في اجتماعات جابت عواصم كل دول العالم لإجراء الانتخابات إلا أن حماس كانت على الدوام تتنصل من كل تلك الاتفاقيات تحت حجج وأعذار واهية، إلى جانب قمع الخصوم والاعتداء على المتظاهرين الرافضين لبقاء حالة الانقسام التي منحت إسرائيل الكثير من المبررات للتنصل من اتفاقياتها بغطاء شرعي لغياب القيادة الفلسطينية الموحدة القادرة على السيطرة على الوحدة الجغرافية، وكل ذلك بالطبع تم تحت إشراف إسرائيلي متكامل اعتمد على التسوية مع حماس كطرف منفصل على مدار سنوات، ولتغليف تلك التسوية المؤقتة أطلقت حماس عليها مصطلح "تفاهمات" للخروج من مأزق الاعتراف العلني بإسرائيل وهو ما سيفقدها شرعيتها التي باتت تستمدها من خارج القطر الفلسطيني.
إن شرعية حماس الداخلية دستورياً وأخلاقياً قد سقطت منذ سنوات، واستمرار الحركة داخل السلطة يأتي دون إرادة فلسطينية، وهو أمر لا يهم الحركة في شيء لأنها تتبع في نهجها تنظيماً دولياً له ارتباطاته الإقليمية وتحالفاته خارج القطر الفلسطيني، وهذه التحالفات هي التي تحدد سياسات الحركة وطريقة إدارتها للصراع، بمعنى أن الحركة خرجت عن كونها تخضع لوجود شرعي بأمر الانتخابات، كما خرجت عن كونها حركة فلسطينية أيضاً لأن ارتباطاتها الخارجية ومصالح الدول التي تقدم لها الدعم هي المحرك الأساسي لقراراتها وسياساتها.
وبهذا التفصيل يصبح لزاماً على الدول الأوروبية التي بدأت تتحرك في اتجاه مضاد للإرادة الإسرائيلية أن توضح دعمها للفلسطينيين كشعب متكامل وكوحدة واحدة لا تقبل التجزئة، كما أنه يجب على تلك الدول أن تطرح حلولاً منطقية يمكنها أن تكون مقدمة لحل شامل لإدارة قطاع غزة أولاً تمهيداً لإعادته إلى الحضن الفلسطيني وإنهاء التحكم الإيراني بمصير مليوني فلسطيني باتت دمائهم رهينة في يد حماس التي تقوم قيادتها حالياً بزيارة إلى طهران للحصول على مباركة الخميني ودعمه.
وهذه للتاريخ أيضاً فإن عناصر حماس في غزة خرجوا عن السيطرة وأصبحوا مجرد أدوات للقتل والتنكيل بالفلسطينيين، وإن أردت دليلاً على ما أتحدث عنه فإن حماس مسؤولة بشكل مباشر عن قطع أقدام ما بين 2500- 5000 فلسطيني منذ بداية الحرب الإسرائيلية على القطاع بتهم يتم ترويجها إعلامياً تحت مسمى "زعزعة الجبهة الداخلية"، وهذه جريمة حرب تستوجب إخضاع قيادات الحركة الذين يتحركون على مرآى ومسمع من العالم بين عواصم الدول للمحاكمات الدولية على غرار محاكمة نتنياهو ووزراء حربه، فإسرائيل دولة مجرمة أدمت شوارع القطاع وأرهقت الفلسطينيين قتلاً في غزة، وحماس غلفت إجرامها بحق سكان القطاع بقناع المقاومة والدين حتى باتت السيطرة على تصرفاتهم درباً من دروب المستحيل.